26 - 06 - 2024

تباريح | عزازي

تباريح | عزازي

(أرشيف المشهد)

5-3-2014 | 16:14 

خفيف مثل فراشة كان يمشي على الأرض ، سحره منطق أبو العلاء المعري (تُكرم أوصال الفتى، بعد موته، وهنّ، إذا طالَ الزّمان، هَباءُ / وأرواحنا كالرّاح، إن طال حبْسُها) عاشق صب لمصر بنيلها وتاريخها وهوائها وحجرها وبشرها وشجرها ، غيور عليها ، )يجن لو يمس شعرها بغير ماء الورد – كما يقول أحمد سويلم  (حنون عطوف على الفقراء والمساكين لدرجة تشعرك أنهم وحدهم أهله ، زاهد زهد عبد الله بن المبارك ، سيد عالي المقام بين كل من يعرفونه ، إن تحدث أصغوا ، وإن أشار لبوا ، صاحب يقين ، متوكل ، يذوب رقة ولينا وتواضعا وخفض جناح ، كأنه خارج من الأساطير.

للحظة ظننت أن الأوجاع وقعت هي الأخرى في غرامه ، وهو مثل أيوب صابر محتسب مبتسم ، ينثر بذور الأمل في الحياة ، يضيء الشموع في كل ظلام يصادفه ، تحيط به أحزانه فيقابلها بابتسامة ساخرة ، ويهرب إلى عالمه الخاص تؤنسه أصوات محمد رفعت والمنشاوي وعبد العظيم زاهر، وينزل القرآن على قلبه بردا وسلاما ، فيعود صباح كل يوم نقيا ، مغسولا بالثلج والبرد .

كان عزازي لحنا شجيا ، مهما تباعدت عنه تنجذب إليه ، هرب من زينة الدنيا إلى بساطتها الساحرة ، ومن كراسي السلطة إلى كرسيه المفضل في المقهى ، حيث لاحرس ولا نفاق ولا مواكب ، حتى الشر كان يمارس جزأه الخير ، على نحو ما اعتاد أن يصفني ، واصفا نفسه دون أن يدري.

نصف كلامه عن الحياة الأخرى كأنه كان يعاين مكانه فيها ، تسابقنا على الموت ، ففاز هو ، وعدت وحدي بخفي حنين.

لا أجد إلا ماقاله حافظ ناعيا شوقي لكي انعيه به :

قد كنت أوثر أن تقول رثائي .. يامنصف الموتى من الأحياء

لكن سبقت وكل طول سـلامة قــدر، وكل منية بقضاء.

رحمة الله وبركاته عليك يا صديقي بقدر ما منحت الدنيا ألقا وصفاء وعذوبة ، ستحتضنك الأرض في حنان يوازي حنانك وسيشرق عليك وجه الله ، كما أشرق وجهك على كل من عرفوك . نم مطمئنا فأنت في رحاب لايضام فيه كريم.

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!





اعلان